كتب – رامي سميح
توقع تقرير لشركة بوسطن كونسلتينج جروب أن ينمو قطاع المدفوعات في دولة الإمارات العربية المتحدة لتصل إيراداته الكلية إلى 27.3 مليار دولار بحلول العام 2028، وذلك على الرغم من تباطؤ نموه على المستوى العالمي.
وأكد التقرير الذي أطلعت بوابة التكنولوجيا المالية “فينتك جيت” علي نسخه منه، أن دولة الإمارات العربية المتحدة تواصل قيادتها لقطاع المدفوعات في دول مجلس التعاون الخليجي، بدعم من جهودها الرائدة لتعزيز وتيرة التحول الرقمي واستثماراتها الاستراتيجية في القطاع المالي.
وسلطت النسخة الــثانية والعشرون من التقرير السنوي حول قطاع المدفوعات العالمي لعام 2024 الضوء على ضرورة اتخاذ دول العالم إجراءات حاسمة عند التعامل مع المشهد الاقتصادي سريع التطور، حيث يُبرز التقرير الذي يحمل عنوان “الفرص تُحالف الجراءة” أهمية الموائمة مع تغير توقعات العملاء في قطاع المدفوعات وتشدد ضوابط التدقيق التنظيمية والتطور الهائل في التكنولوجيا.
وقال التقرير إنه “على الرغم من تباطؤ النمو على مستوى العالم، تظل دولة الإمارات العربية المتحدة نقطة مضيئة في المنطقة، مع مواصلة استمرارها في مسارها في النمو وجهودها لترسيخ الابتكار”.
وعلى المستوى العالمي، يتوقع التقرير أن يتباطأ نمو إيرادات قطاع المدفوعات بشكل لافت وبمعدل نمو سنوي مُركب يبلغ 5% فقط حتى عام 2028، مما يؤدي إلى تحقيق إيرادات عالمية من المدفوعات تقدر بـنحو 2.3 تريليون دولار.
ويُمثل ذلك تراجعاً حاداً عن المعدل السنوي المركب البالغ 9% الذي تحقق خلال السنوات الخمس الماضية والذي دفع إجمالي الإيرادات العالمية لبلوغ 1.8 تريليون دولار في عام 2023.
ومن المتوقع أن تشهد قارة أمريكا الشمالية وأوروبا أكبر تباطؤ في هذا القطاع مع نمو الإيرادات السنوية له بنسبة 3% فقط، بينما يتوقع أن تشهد مناطق الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية وآسيا والمحيط الهادئ نمواً أعلى حيث يُتوقع أن تنمو منطقة الشرق الأوسط بمعدل نمو سنوي مركب قدره 7% مدفوعاً بتسريع المدفوعات الرقمية في الأسواق الناشئة.
قطاع المدفوعات في الإمارات يواصل النمو
وأفاد التقرير بأن قطاع المدفوعات في دولة الإمارات العربية المتحدة شهد نمواً قوياً خلال السنوات الأخيرة، إذ أنه منذ عام 2018 إلى عام 2023، نمت إيرادات المدفوعات من 9.8 مليار دولار إلى 18.8 مليار دولار بمعدل نمو سنوي مركب بلغ 13.8%. وبحلول العام 2028، فإنه من المتوقع أن تصل إيرادات قطاع المدفوعات في دولة الإمارات العربية المتحدة إلى نحو 27.3 مليار دولار، بزيادة قدرها 45% على مدى السنوات الخمس المقبلة.
ويُتوقع كذلك ارتفاع المعاملات في الإمارات ارتفاعاً ملحوظاً من 1.7 مليار معاملة في عام 2023 إلى أكثر من 3.1 مليار معاملة دفع بحلول عام 2028، ما يمثل زيادة بنسبة 78%، بحسب التقرير الذي توقع استمرار هذا التوسع في الإمارات مدفوعاً بالانتقال من المدفوعات النقدية إلى الرقمية، بدعم من المبادرات الحكومية الرائدة وتعزيز تبني التكنولوجيا المالية.
وقال لوكاس راي، المدير المفوض والشريك ورئيس إدارة ممارسات المؤسسات المالية لمنطقة الشرق الأوسط بشركة بوسطن كونسلتينج جروب إن “قطاع المدفوعات في دولة الإمارات العربية المتحدة وصل إلى نقطة تحول محورية حيث يجب أن ينتقل من الرغبة في التوسع إلى تحقيق الاستدامة في الربحية، ولذلك فإن تحديث التكنولوجيا المالية لم يعد أمراً اختيارياً بل يجب على المؤسسات التي تعمل ضمن قطاع المدفوعات تحديث أنظمتها القديمة والاعتماد على بنية تحتية قابلة للتطوير معتمدة على الحوسبة السحابية وذات أعباء تقنية أقل، بالإضافة إلى تحسين الكفاءة الاقتصادية للوحدات التشغيلية في المؤسسات بحيث تتناغم مع المتطلبات المتغيرة للسوق.
وأضاف راي أن “المؤسسات الرائدة في التطور سوف تستفيد بالفعل من تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي في مجال تعزيز خدمة العملاء وزيادة القدرة على مواجهة الأنشطة الاحتيالية ورفع كفاءة العمليات التشغيلية داخل المؤسسات على نطاق واسع”.
وأكد راي أنه “مع تزايد الضغوط العالمية وكثافة التدقيق التنظيمي، تصبح الشركات العاملة في الإمارات والتي اتخذت إجراءات حاسمة للتطوير واستثمرت بالفعل في التقنيات الحديثة وتقوية أطر عمل المخاطر والامتثال في أفضل وضع لتلبية احتياجات العملاء وتحقيق العوائد المستدامة التي يتوقعها المستثمرون.”
الاستراتيجيات الجديدة للتحول في قطاع المدفوعات
يمر قطاع المدفوعات العالمي بنقطة تحول محورية تدفع بالشركات إلى ضرورة العمل على الانتقال من النمو الذي يتسم بالسهولة إلى النهج الاستراتيجي الذي يتسم بالجراءة.
وبحسب التقرير فإن قطاع المدفوعات الرقمية يقترب من مرحلة النضج في الأسواق الرئيسية الكبرى مثل الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة حيث لا يزال أقل من 10% من المعاملات نقدية. بيد أن إيجاد قيمة مُضافة للمساهمين شهد تطوراً حيث تشكل عمليات الشراء العكسية والتوزيعات النقدية أكثر من ثلث العوائد الإجمالية.
وكذلك باتت أنشطة المدفوعات الفورية حالياً قياسية في أكثر من 60 دولة، ومن المتوقع أن تؤدي العملات الرقمية للمصارف المركزية (CBDCs) إلى تغيير جذري في مشهد السوق، خصوصاً وأن الذكاء الاصطناعي التوليدي قادر بالفعل على تقليل التكاليف بنسبة تصل إلى 70% للمؤسسات الرائدة، مما يجعل عملية تحديث القطاع وتطويره ضرورةً للبقاء في المنافسة.
مستقبل النجاح المستدام لقطاع المدفوعات في الإمارات العربية المتحدة
ويقول التقرير إنه مع قيام تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي وتطبيقات المدفوعات الفورية والعملات الرقمية بإعادة تشكيل المشهد العالمي للمدفوعات، تظل دولة الإمارات العربية المتحدة في وضع يُمكنها من النجاح في المستقبل على المدى الطويل من خلال مواصلة تعزيز الابتكار وترسيخ جهود التطوير.
من جانبه، قال محمد خان، المدير المفوض والشريك في شركة بوسطن كونسلتينج جروب، إن زخم النمو في قطاع المدفوعات في دولة الإمارات العربية المتحدة واضح، وإنه مع توقعات بزيادة المعاملات في الإمارات بنسبة 78% لتصل إلى 3.1 مليار بحلول عام 2028 فإننا نشهد واحداً من أكثر الأسواق ديناميكية على مستوى العالم.
وأكد أن هذا النمو يجلب الفرص جنباً إلى جنب مع التحديات؛ وبينما تُعيد المدفوعات الرقمية والتقنيات الناشئة مثل التحويلات الفورية والعملات الرقمية تشكيل المشهد فإن النجاح سيكون من نصيب من يجمعون بين ترسيخ الابتكار وفعالية التنفيذ.
وكذلك فإن الشركات التي تستثمر حالياً بشكل استراتيجي في قدراتها مع الحفاظ على الانضباط التشغيلي ستكون هي التي تستحوذ على الفرص السوقية المهمة.”
